مجالس الحرب

مجالس الحرب




أعلم أنه من الصورة في الورقة السابقة كلكم عرفتم القصة ، هناك طاقية ولحية ونساء وإبليس وفارس لقد أصبتم جميعا فتلك كانت عناصر القصة
ولكننا لأسباب منطقية لم نظهر الفرسان الحقيقين في تلك المعركة الذي كان منهم منصور و ( ح خ ) و ( ا ل ) والمهندس إبراهيم رحمه الله وغيرهم أيضا حسب ما سيأتي ذكره معنا في القصة...

ولكني محتار من أين أبدأ فالقصة جد مثيرة ، بل مثيرة جداً والعلاقات متشابكة بطريقة صعبة جداً
دعونا نبدأ من هنا
المكان شركة إلكترونية بها أربع غرف وحمام صغير وبوفيه أصغر وصالة علي شارع رئيسي في مدينة ما من مدن جيبون العظيمة
نعم كان هناك كثير من الموظفين
الموظفين الذين تربطهم ببعض علاقات كثيرة ، لم يكن يربطهم العمل فقط
بل كثير من العلاقات والروابط
فالكل كان لديه حلم !!!
حلم ما ، وللأسف حلم جميل
لماذا أقول للأسف ؟
ستعرف قريبا لماذا أقول للأسف
لا تتعجل
أنهي منصور كليته ، بل قبل أن ينهي دراسته الجامعية شغله فكرة ماذا يعمل ؟ خاصة وأنه كان لايريد أن يعمل وفق شهادته الجامعية التي تعادل محو الأمية كما قلنا سابقاً
وفي يوم ذهب لصديقه ( ح ح ) ولم  يكن ( ح ح ) مجرد صديق لمنصور بل كان منصور يعده من جملة أساتذته وشيوخه مع تقارب سنهما
فأشار إليه ( ح ح ) أنه يمكنه أن يعمل في الالكترونيات أو الكمبيوتر مثله بل معه ولكن كيف ؟
...

هل كان ..؟ هو السبب

لماذا يريد منصور السفر ؟









هل للبحث عن الذهب ، أو للثراء السريع أم للهروب من الواقع ، أم أنه كان يشعر بالفراغ الكبير الذي تركه ، (ح خ ) صديقه بعدما تركه وذهب يعمل بالعاصمة جيبون خاصة وأنه لحقه أيضاً ( ا ل ) فلقد كانا ثلاثيا رائعا


ثلاثيا رائعا في مجالس الحرب
أي حرب هذه التي خاضها الثلاث منصور و ( ح خ ) و ( ا ل) وهل كان في الحرب مقاتلون أخرين ؟
هذا ما أريد أن أحكيه في الورقات القادمة


مجالس الحرب .............








ولكن هل ؟

ولكن هل؟




تحطمت الاسطورة عندما تحرك سقفها هبطت كما يهبط أي شيئ ليس له أساس لذا كان كافي جدا في تحطيمها أن تطلق عليها رصاص فارغ بل كان يكفي أن تشير إليها بصورة مسدس لذا اخترت صورة مسدس في الورقة السابقة
ولكن هل تحطمت فعلا ، حقيقة يقينا ؟
هاذا ما أشك فيه إن الاساطير لا تتحطم ولكن تخبو تخبو حتي يأتي ما يوقظها من جديد لذا واجب عليك أن تراقب أساطيرك القديمة فهي موجودة ، في مكان ما ، في مكان ما تحت الركام تنتظر هناك من يوقظها تنتظر هناك ما يوقظها
أنا نفسي لدي كثير من الاساطير ..
هل التغيير أحد تلك الاساطير ؟ لا
لا تتعجل خذ وقتك ...
هل فعلا نحن نتغير !! سل نفسك ..
لا أريد أن أتركك هنا واترك تلك الورقة حتي تعلم أننا ..
لا لا يهم علي أن اتمهل قليلا  ... سامحني سأتركك هنا وأترك تلك الورقة

تحطيم الأسطورة

تحطيم الأسطورة






عندما شعر منصور بأن السقف يتحرك هل كان هذا علامة علي أن أفكاره تتغير ، هل السقف كان سقف غرفته الحسي أم أنه سقف أفكاره وتطلعاته وطموحه ، أم أنه سقف الحياة ووعيه بها ؟

نعم كان هناك سقف يتحرك

لكنه سقف الاسطورة بأن هناك طريقة للثراء السريع


حتي الشحاذين الذين يظنون أنهم بتركهم العمل يحصلون علي النقود بسرعة وبدون عمل أو مجهود هم أيضاً يعانون ويبذلون ماء وجههم وكرامتهم ، في ذل وإنكسار ، وهل تأتيهم النقود سريعا ، لم نسمع عن شحاذ أصبح مليونيرا  في يوم واحد ، بل هي الشحاته والذل السنوات الطويلة


أليس هذا عمل طويل !

السارقون أيضاً لا يصيبون الثراء السريع ، فتجدهم يجلسون أعماراً مديدة في السرقة والتجميع ، ثم في النهاية ، في النهاية يفقدون ما جمعوا إما بأمراض خبيثة أو بكوارث سواء كانت طبيعية أو غير طبيعية


فالكتب مليئة بأسماء من جمع ثروة بطريقة ما ، نعم بطريقة لا يوافق عليها شرع أو دين ،  ثم مات فقيرا معدما بل منتحرا أحياناً

الثراء لا يأتي سريعا بل يأتي علي مهل حين تتقن ما تعمل ، وتعمل ما ينفع ،
والاتقان نفسه يحتاج للوقت ، وبمرور الوقت في العمل الجاد تحصل ملكة الاتقان التي يأتي علي إثرها الثراء

نعم لقد كان سقف الاسطورة يتحرك أمام عينيه ولأنها أسطورة فلما تحرك سقفها وقعت
ولكن هل هذا سيغيير من رغبة منصور في السفر إلي ليكنزا؟؟؟
لم نعرف بعد ....!

ليكنزا والثراء السريع

ليكنزا والثراء السريع


نظر منصور لسقف غرفته مستغرقا في التأمل سارحا بخياله في ليكنزا وحلم الثراء السريع ، الكنز والكشف عنه ، أخذ يقلب في عقله ماذا يحتاج
خرائط جهاز للكشف عن المعادن الثمينة




ربما تراخيص للبحث عن الكنوز المدفونة ولكن كيف يحصل علي تراخيص وهو ربما يدخل ليكنزا بطريقة غير شرعية ؟

ثم ماذا لو أنه لا يوجد كنز ؟

وفجأة طرأ علي ذهنه حكاية باولو كويلو ساحر الصحراء وكيف أن بطلها ذهب وتحمل أخطار كثيرة وكان الكنز في بلده هو ، وما كنت رحلته إلا لشيئين لمعرفة مكان الكنز المدفون في بلده هو وليس في صحراء مصر بعد تأكيد إيمانه بالكنز

ثم هل حقا يوجد حاجة إسمها الثراء السريع ؟
إنه مع فرض وجود كنز ، هل البحث عن الكنز والسفر المسافات البعيدة والتعرض للأخطار مع إنفاق الجهد والمال والوقت هل هذا ثراء سريعا ، ربما استغرقت رحلات البحث عن الكنوز السنوات الطوال هل هذا ثراء سريعا !!!!!!


أم أن الثراء السريع هي أحد الاوهام التي أخترعها الانسان وحافظ عليها لتعطيه أمل أم أنها تلبيسات شيطانية ؟؟؟؟؟


لا أدري وشعر منصور بأن سقف حجرته يتحرك



مع من أذهب ؟

إنصرف الثلاث في تلك الليلة علي أن يترك منصور مهلة لمدة يومين لعصام لكي يبحث له عن وسيلة لإدخاله إلي ليكنزا ، وعند إنصراف الثلاث أحترت أذهب مع أي الثلاث كي أحكي لكم حكايته فلقد كنت شغوف أن أعرف ماذا حدث لعكشة وسبب الخناقة وحكاية شارع الجمال وذلك لان منصور حكي كثيرا لي عنه ولكني قررت أذهب مع منصور



ذهب منصور في تلك الليلة تداعب خياله الأماني ويحلم بالثراء الفاحش عن طريق ليكنزا أو مدينة الكنز ، جلس علي كرسيه ثم وضع رجليه علي كرسي آخر ثم أرجع رأسه للخلف تاركا نفسه للأحلام ...









في مصمت براغيت

في المطعم


جلس الثلاث في مصمت براغيت وجاء الجرسون فطلب منصور ربع كيلو لحمة رأس علي كرشة ،وممبار


وطلب عصام نصف مشكل وكذلك العنكبوت

طيب لماذا لم يذهبوا إلي ركن كما قال منصور في الواقع هم ذهبوا فعلا لركن ولكنه لم يكن عنده لحمة رأس وكان منصور عايز يأكل لحمة رأس لذا ذهبوا جميعا إلي براغيت

كان عصام شديد الذكاء وعندما رأي منصور في قهوة برعي عرف إن منصور في حاجة إلي شيئ ، شيئ ما ولم يرد أن يحرج منصور بالسؤال مباشرة عما يريده أو يحتاجه فاتخذ حكاية الأكل وسيلة لكي يظهر طلب منصور طلب عادي بدون أي إحراج لمنصور ، وهذا ليس فقط شدة ذكاء لعصام بل أخلاق يتربي عليها ولاد البلد الجدعان يا اخوانا هؤلاء أولاد جيبون العظيمة ومن قلبها النابض

جاء الطعام وبدأ الجميع في تناوله كل واحد أمامه الطبق اللي طلبه مع ثلاث أطباق من شوربة الكوارع اللذيذة وسلطة خضراء وملح وفلفل وسلة بها خبز ،عندما جاءت سيرة الطعام ومنصور كان بيحكي لي شعرت بالجوع وبلعت ريقي

أثناء الطعام قص منصور علي عصام حكاية ليكنزا وأنه يريد السفر إليها وحكاية الانتظار ثلاث سنوات وضحكوا جميعا علي حكاية قائمة الانتظار
فقال عصام لمنصور اتركني يومين وأنا أشوف ما أقدر علي فعله
وبعد الأكل أردا عصام والعنكبوت شرب البيرة فمنعهم منصور من ذلك فأخذا يدخنان السجائر بعدما رضخا لرغبة منصور



براغيت أم ركن

براغيت أم ركن

لم يمض من الوقت إلا دقائق معدودة حتي وجد منصور عصام والعنكبوت راجعين إلي القهوة ، قهوة برعي ، فرح منصور وقال للعنكبوت عفارم عليك يا عنكبوت ، فقال العنكبوت أنا لم أفعل شيئاً ، أنا جمعت الشباب وكنت في طريقي وجدت عصام راجع لوحده فقال منصور لعصام إنت عملت إيه لتهرب من المخبرين فقال مفيش أي حاجه قبل القسم قالوا لي مش أنت فلان قلت لهم لأ أن عصام وشافوا البطاقة فتركوني لحالي


سأل العنكبوت عصام سألوك عن مين فقال سألوني علي عكشة فقال يبقي عايزين عكشة عشان الخناقة اللي كانت منذ قليل


فقال عصام هو عكشة كان بيتخانق ليه فقال له العنكبوت حكاية الخناقة وسببها وكان بيتخانق مع معين

المهم  عصام سأل منصور أنت مش جعان فقال له جعان
فقال العنكبوت بسرعة طيب أيه رأيكوا نتعشي سوي أنا عازمكم ، تحبوا تأكلوا إيه ؟
فقال منصور بل أنا اللي ها أعزمكم
شخط عصام في الاثنين فقال أنا اللي قلت لكم علي الأكل أنا اللي هادفع


ضحك الثلاثة وقالالعنكبوت  طيب إدفع بس هتأكلنا إيه
فقال منصور تعالوا نأكل كشري أنا من زمان ما أكلتش كشري


فقال عصام إيه ياعم منصور طيب لو قلت لك أنت اللي هاتدفع الحساب كنت أكلتنا إيه فضحك منصور وقال لا والله مش قصدي خلاص هأكل اللي أنتوا عايزينه ، أقترح العنكبوت يروحوا مصمت ويأكلوا هناك زي زمان


فأعجبتهم الفكرة فقال لهم هل تحبوا نأكل عند ركن ولا براغيت إذ كانا هما أشهر مصمتين في المنطقة وطالما أكلا الثلاث معا فيهما
قال منصور عند ركن

سوء تفاهم

سوء تفاهم


ما لبس أن جلس عصام حتي وجد إثنين من المخبرين الغلاظ الشداد كانوا خلفه مباشرة وطوقوه وأمسكوه من تلابيبه وقالا له تعالي معانا من سكات


صاح فيهم العنكبوت إيه فيه إيه بص المخبر الأغلظ للعنكبوت قال له خليك في حالك


ثم اقتادا عصام معهما ثارت ثائرة العنكبوت وكذلك منصور ولكن منصور لايدري ماذا يحدث ، فقال منصور للعنكبوت هو عصام عامل حاجه


فقال له العنكبوت لأ ، أنا مش عارف في إيه لازم نروح نخلصه من المخبرين فقال منصور ماذا تقصد


قال اليوم الخميس ولو عصام راح القسم هيبات وهيتأخر لازم نخلصه منهم علي ما نعرف هو فيه إيه


هم العنكبوت بالانصراف سريعا فقال له منصور أجي معاك فقال له العنكبوت لأ خليك أنت هنا وإحنا مش هنتأخر طيب هتعملوا إيه


فقال له أنا عارف الطريق من هنا إلي القسم هجمع العيال وأخليهم يحدفوا المخبرين بالطوب من الشارع التالي من أمامهم بحيث عصام يملص منهم ويرجع من الاتجاه الثاني وهيكون هناك أيضا مجموعة أخري مستعدة لتعطيل المخبرين إذا أرادا متابعة عصام

وأسرع العنكبوت وراح يصيح علي أولاد وشباب الحتة


جلس منصور يفكر هل كان المفروض يذهب معه أم الأفضل أن يجلس ينتظر ماذا ستسفر عنه الأحداث ، وعلم منصور أنه تردد لحظات قبل قوله للعنكبوت أأتي معك وهذا هو السبب في قول العنكبوت خليك أنت هنا


ولكن ماسبب تردده ؟ هذا هو السؤال الذي حير منصور لماذا تردد في إنقاذ صديقه عصام


هل لأنه كان لا يعرف سبب أخذ المخبرين لعصام وبالتالي فلا يعرف هل عصام مخطأ أصلا أم أنه مظلوم


وبالتالي لا يعرف هل ستكون تحركاته ومغامرته تلك في سبيل قضية عادلة أم أنه يساعد صديق مخطأ لأنه صديقه ، صديقه فقط دون أن يكون له وجه حق


تلك هي المسأله إذن قضية عادلة ؟ أي أن مايحرك منصور ليس العواطف بل قضية عادلة ، إرتاح منصور لهذا التفسير والتبرير وجلس يشرب الشاي بالنعناع ولكنه الكوب الثاني

ولكني لا أريد أن نستعجل الاحداث ونحكم علي منصور حتي نري باقي تصرفاته لنكون رأيا صحيحا ، فلا نسلم بالدافع الذي قاله عن نفسه حتي تأتي شواهد مثبته أو أخري نافيه

كرسي في الكُلب

كرسي في الكُلب


بينما كان منصور والعنكبوت يتحدثان ويتذكران الماضي والذكريات إذا بصوت عال من بعيد وناس بتجري ومنهم واحد يحمل سنجة والدنيا هاجت وماجت قاما الإثنان في حالة فزع وجريا علي الخناقة خافا أن يكون أحد من معارفهما أو أصحابهم عرف العنكبوت مين اللي في الخناقة وإيه سببها وتوسط لحل المشكلة ولأخذ السنجة بعيدا عن الناس حتي لايتأذي أحد ولكن كان هناك حريم في الخناقة وتعالي صوت الحريم صريخ وعويل والموضوع كبر وفي وسط المعمة حد طلب بوليس النجدة وسرعان ما جاءت الحكومة بخيلها وخيلاءها إنفض المولد وكل واحد راح لحال سبيله


ورجع منصور والعنكبوت لمكانهما علي قهوة برعي

أشعل العنكبوت سيجارة وطلب شاي


بعد بُرهة قصيرة حضر عصام شاف منصور قال له أزيك ياندل قام منصور وحضن عصام وقبله من وجنيتيه يمين شمال يمين ثلاث مرات لا أدري لماذا ثلاث مرات وحضنا بعضهما البعض


جلس عصام ولكن ما لبس أن جلس عصام حتي ..

لماذا سمي بالعنكبوت ؟

لماذا سمي بالعنكبوت ؟



محمود العنكبوت له قلب ميت تقريبا فلا يعرف الخوف أبداً وفي يوم من زمان خرج مجموعة من الأصدقاء كان بينهم محمود وعصام وغيرهم ولم يكن معهم منصور وقتئذ ، ولكنهم بعدوا عن حتتهم وكانوا في منطقة ثانية وقتها كانوا صغاراً ، ولكن كثير من الشخصيات تظهر شخصيتها عند الصغر ولا يعني هذا عدم التحول بل كل شئ يتغير تلك سنة من سنن الحياة التغيير

المهم حد تطفل عليهم فقام محمود بضربه عندها ذهب الولد سريعا وأتي بأصدقائه وقامت خناقة كبيرة وكان محمود يضرب ويقفز ويجري كقول الشاعر مفر مكر مقبل مدبر كجلمود صخر حطه السيل من عل


بالضبط كان هذا وصف محمود ومن وقتها وأصبح اسمه العنكبوت ، بل أصبح أصغر مشهور في شارع الجمال و كانت الأولاد إذا أرادت أن تتخانق مع حد تقول للعنكبوت


زي أمريكا كده بعد الحرب العالمية التانية أصبح زعيم في المنطقة



العنكبوت !

لم يكن عصام الذي خبط منصور علي ظهره بل كان صديق آخر يسمي محمود الشهير بالعنكبوت طبعا العنكبوت هذه ليس بها مشكلة مع القانون لذا سنصرح باسمه كاملا ، في شراع الجمال كان كل واحد منهم له اسم شهره حتي منصور نفسه كان له اسم شهره لن نذكره طبعا حتي لا يعرف عمن نحن نتكلم صراحة ،



محمود العنكبوت كان هو الآخر صديق حميم من أصدقاء منصور وعصام

العنكبوت : أزيك يا أستاذ منصور قصدي يابشمهندس منصور ولا هم بيقولوا لك إيه دلقوتي
منصور: بيقولوا لي يا منصور حاف أزيك ياعنكبوت
العنكبوت : إنت فين ياعم أنت
منصور : يا أعني بتسأل علي
العنكبوت : إزاي بقي أنا علي طول في سيرتك أنا وعصام
منصور : صحيح هو فين عصام
العنكبوت : زمانه علي وصول


ثم جلسا يتحدثان هما الإثنان ويتذكرا الماضي ، طبعا أجمل ما فيه بل في الواقع تذكرا كل شيئ فبمجرد أن تذهب الأحداث إلي الماضي تصبح جميلة خاصة إذا كانت مفعمة بالحيوية والشقاوة وقلة الهموم

نسيت أقول لكم مين هو محمود العنكبوت ، محمود العنكبوت هو صديق لهما يعمل بصناعة الأحذية (ماكنجي) وله جزء من أصبع السبابة اليمني مقطوع في حادثة وعند قرب إلتحاقه بالجيش قطع المتبقي من صباعه وأخذ إعفي من الجيش إذ كان الجيش يعد بالنسبة له كابوس مزعج ثلاث سنوات من الضنك وقلة العمل وبعدها يبدأ ثاني من الصفر هكذا كان محمود ينظر إلي الجيش والخدمة العسكرية


وهذا التصور خلاف منصور الذي طالما أحب دخول الجيش ولكنه كان يريد أن يدخل الجيش دون أن يحلق لحيته


وذهب فعلا للإلتحاق بالجيش وهو كث اللحية ولكنهم رفضوا ذلك وأعطوه إعفاء من الجندية ، ومازال يتذكر ذلك منصور ويشعر بأنه حرم من شيئ جيد في حياته أن يشعر شعور الجندي تجاه جيبون العظيمة ، كان الناس تقول عن منصور إنه أهبل إذ يفكر بتلك الطريقة بل كان عليه أن يفرح بالإعفاء

في قهوة برعي

في القهوة


في القهوة جلس منصور يشرب الشاي بالنعناع ويسرح في ذكريات طفولته ومراهقته وبداية شبابه ، تذكر سوسو تلك الفتاة التي كانت تقطن في الدور الثالث من بيت يطل مباشرة علي الناصية ، وقتها كان منصور طفل صغير أو غلام ولكنه أُعجب بها وكان كلما وقف علي تلك الناصية وطلت عليه من الشباك كان يعاكسها بهز رأسه يمينا وشمالا وكانت تهز هي الأخري رأسها محاكية حركته ، وبينما هو جالس سرحان في سوسو إذا بصوت خبطة جامدة علي ظهره وواحد بيقول قفشتك

هل كان عصام ؟



فين أراضيك يا عصام

فين أراضيك ياعصام ؟


لقد ترك منصور حارة الجمال من 10 سنوات تقريبا ومن وقتها لم يقابل عصام إلا صدفة ، وعندما فكر منصور كيف يجد عصام لم يجد سبيلا إلا القهوة ، نعم قهوة برعي التي تقع علي نهاية شارع الجمال ، والعجيب في شارع الجمال أن لديه ناصيتين (أو قمتين ) علي ناصية منها قهوة برعي وعلي الناصية الثانية هناك مسجد الحاج درويش بين هاتين الناصيتين تقع حارة الجمال


ذهب منصور إلي قهوة برعي ولكنه في طريقه للقهوة دار في ذهنه هذا الحوار ما معني الأصدقاء ولماذا حين نحتاج إلي صديق لا نفكر إلا في أصدقائنا القدامي ، يخيل إلي منصور أنه ليس له أصدقاء ، أصدقاء حقيقيون إلا أولئك الذين تعرف بهم ولعب معهم قبل أن يخرج للحياة العملية ، قبل أن يتحمل أي مسؤلية فهؤلاء لم يجمعهم سويا إلا الصداقة فلم تكن هناك أي مصلحة شخصية لأي منهم في تلك العلاقة الجميلة الصداقة ،جلس علي ترابيزة تطل علي حارة الجمال وأخذ ينظر إلي حارة الجمال ويتذكر أيام صباه وهو غارق في تأمالاته جاءه الجرسون شاب صغير لا يعرفه منصور ولا يعرف هو منصور


سأله منصور هل سيأتي عصام .. اليوم نظر الولد له بدهشة وقال تقصد المعلم عصام ..


قال له منصور : نعم المعلم عصام ..


قال الجرسون : ساعة من الآن ولكنه لا يأتي كل يوم


منصور: طيب هاتي واحد شاي علي ميه بيضه بالنعناع







إيه العمل

لم يعجب منصور تلك الطريقة وهي أنه ينتظر ثلاث سنوات حتي يأتيه دوره بالسفر ثلاث سنوات فترة كافية جدا لو أن ليكنزا بئرا من الذهب أن ينضب خاصة وأن هناك مثل هذا الإقبال علي السفر إليها



ومع أن الطريقة لم تعجبه إلا أن الموضوع كبر معه ، لذا قرر أن يذهب إلي ليكنزا بطريقته الخاصة ، وذلك يعني مبدئياً أنه سيسافر بطريقة ملتوية وذلك يعني دخول عصام صديقه بدور في تلك السفرية
ولكن من عصام ؟

عصام لا أستطيع أن أذكر باقي إسمه فباقي اسمه جريمة يعاقب عليها القانون لذا سأكتفي بأنه عصام صديق منصور القديم الذي طالما لعبا سويا بحارة الجمال بتشديد الميم ولكن منصور أكمل تعليمه وحصل علي بكالريوس .. قصدي علي شهادة محو الأمية فالتعليم في جيبون هذا حاله فلقد أصبحت البكالرويا زمان يعني البكالريوس تعادل محو الأمية فقط نعم فقط للأسف ليتها تعادل محو التخلف ، إذ ظهرت شهادات أعلي تسمي محو التخلف وهذه غير منتشرة في جيبون العظيمة ، مع أن الاحصائيات التي تذيعها الجهات الرسمية وغير الرسمية أن التخلف أصبح ظاهرة خطرة وهو أشد وطأة من الأمية وللأسف أيضا أن منحني التخلف لا يتحرك بالتوازي مع منحني الأمية بل يسبقه وعلي طريقة إخوانا البورصجية منحني التخلف منحني قائد وليس منحني تابع ، هذا ما دعي المحللين الفنيين للقول بأن منحني التخلف التي تعاني منها جيبون العظيمة لم يصل


إلي هذا الحد منذ فاروس الأعظم ملك جيبون من 10 مليون سنة ضوئية


أما عصام فبدون كلام أخذ حظه ونصيبه وتعلم فك الخط هذا حظه من التعليم ، ولكنه كما تعلم فك الخط أصبح يفك أي شيئ فليس لديه عقده إلا ولديه لها حل ، ولكن حل علي طريقة عصام ..


وكانت لعصام فلسفته الخاصه ألا وهي ما الحياة إلا شبكة من الخطوط والخيوط المتشابكة والمتقاطعة ، وإذا ما أنت فككت خيوطها وخطوطها لانت لك قناتها ، وسهل عليك قيادها هذا هو عصام الرجل الخفيف الشعر الذي يقارب من الصلع قوي الجسم والبنيان ، حاد المزاج سريع الغضب

العجيب في قصتنا أن كل رجل فيها له فلسفته في الحياة فلا تجد أحد يفعل شيئ بدون فلسفة وهذه إحدي معجزات جيبون العظيمة لدينا 150 مليون فلسفة للحياة

أريد تذكرة !

أريد تذكرة

ذهب منصور لمكتب سفريات وقال لهم أريد تذكرة للسفر إلي ليكنزا فقالوا له هل لديك جواز سفر ، قال منصور متعجباً وهل الذهاب إلي ليكنزا يحتاج إلي جواز سفر ضحك موظف مكتب السفريات وقال له السفر إلي ليكنزا له برتوكول معين فلا يغرك قربها مننا


ولماذا تريد السفر إلي ليكنزا ؟


السياحة هكذا قال منصور


فقال له الموظف سياحة ولا البحث عن الكنز المدفون من أيام المختار الناصر المنتصر ؟


منصور : وهل هناك كنز ومن هو المختار الناصر المنتصر لماذا يسمي المختار الناصر المنتصر


الموظف: هناك أسطورة تقول أنه كان هناك إحتلال لليكنزا من إحد الإمبراطوريات فقام لتحريرها رجل صلب العود قوي الشكيمة أقسم أن يحررها وقد كان وأنه عند تحريرها قد أسر قائدهم وأنه طلب فدية كبيرة لقائدهم فحصل عليها وإنه بعد موت المختار أختلف الناس في الفدية وأين وضعها المختار


أما سبب تسميته المختار الناصر المنتصر ، فالمختار اسمه ، والناصر نسبة لنصرة قومة ودينه ووطنه والحق ، والمنتصر لأنه انتصر علي عدوه


منصور: ولكني سمعت أيضاً من يقول عنها المدينة الملعونة فهل سممعت شيئاً عن ذلك ؟


الموظف : سمعت طبعا فهذا أكثر وصف متداول عنها هنا في جيبون ولا أدري كيف نصفها بهذا وحالهم أفضل بكثير من حالنا فالليكنز الواحد يساوي 10 جيبون وفيه إشاعات إنه هويصل إلي 16 جيبون بعد أزمة الديون في البلد المجاور لنا ، ناهيك عن كثرة المسافرين لها


إنصرف منصور من مكتب السفريات وذهب لعمل جواز سفر فتلك أول مرة يخرج من جيبون العظيمة


بعد 5 أيام إستلم جواز السفر وذهب به إلي مكتب السفريات قابلته آنسة ولم يجد ذلك الموظف الذي قابله أول مرة

فقال لها أريد أن أسافر إلي ليكنزا وأريد تذكرة فقالت له بعدما نظرت في جواز السفر تكلفة التذكرة 5000 جيبوني


فقال لها 5000 جيبوني طيب لو كنت أريد الذهاب إلي فولكانوا كنت هأدفع كام علي كده قالت السفر إلي فولكانوا 1500 جيبوني فقط فالسفر إلي فولكانوا مدعم


منصور : ومتي أحصل علي تذكرة السفر ؟


الموظفة : تدفع الآن 2500 جيبوني مع تسليم جواز السفر ونضعك علي قوائم الانتظار


منصور : قوائم الانتظار !!!

الموظفة : وبعد ثلاث سنوات تأتيك التأشيرة والتذكرة ، فلا يوجد سفر إلي ليكنزا إلا طيران ولدينا قوائم إنتظار لثلاث سنوات قادمة


منصور : ولماذا لا أسافر بري أو بحري


الموظفة : لأن السفر بري وبحري خاص بمن لديه إقامة هناك


منصور : هذا ونسميها المدينة الملعونة طيب لو كانت مش ملعونة كنا عملنا إيه

وانصرف منصور من مكتب السفريات دون أن يعطيها جواز السفر أو 2500 جيبوني



منصور

منصور


منصور من جيبون العظيمة التي تقع هي الأخري علي بحر ميجون العظيم
وعدد سكانها 150 مليون إنسان جعان قرفان زهقان باذنجان
أراد منصور أن يتخفف من ضغط جيبون الواقع علي كتفيه فلقد كان يعاني فيها الأمرين ، أحد همومه هي الهموم الشخصية وهي قصة كفاحه من أجل الطعام والشراب وهذا أقل هميه ، فلقد كان يحمل علي كتفيه حمل هو أشد وطأة وأكثر إيلاما له وهو حمل جيبون نفسها فلقد كانت تمر الأيام تلو الأيام وهو يعصر عينيه علي حال جيبون العظيمة
يتذكر ماضيها ويري حاضرها ويستشرف مستقبلها ويبكي ،ويبكي بكاءا مريرا فكثيرا ما كانت تبتل لحيته المدببة من دموعه
نعم منصور لديه لحية مدببة جعلت منه فيلسوفا في الشكل فمع لحيته المدببة لديه شعر كثيف أسود فاحما ولكن مع سواد شعره طأطأت شعرات بيضاء متناثرة عبر رأسه كله وكأنها النجوم تسطع وتتلألأ في ظلمة الليل البهيم


هل تلك الشعرات البيضاء التي تشبه النجوم والجواهر هي أفكاره الحسنة أفكاره الطيبة أفكاره المتفائلة أم أنها مجرد شعيرات بيضاء ؟


لا أدري ولكنني حين أراه لا أشعر أنها مجرد شعيرات بيضاء بل أراها نوافذ مفتوحة تبين نورا يسطع من عقله

الملعونة لماذا ؟

الملعونة لماذا ؟


أختار منصور تسمية ليكنزا بمدينة الكنز عن المدينة الملعونة وذلك لأنه قد فهم سر تسميتها المدينة الملعونة ، فلقد كانت ليكنزا تعادي إمبراطورية فولكانوا جهاراً نهاراً وكما تعلمون جميعا لا يعادي أحد إمبراطورية فولكانوا إلا لعنته فولكانوا بطائرتها العملاقة B52 أو الأكثر عملقة أو بسلاحها النووي أو الذري أو بسلاحها الإعلامي الجنسي اللاأخلاقي فلدي فولكانوا أكبر ترسانة من الأسلحة في كل شيئ

كما أن جيبون العظيمة توالي جهارا نهاراً فولكانوا وتروج لموالاة فولكانوا لذا أطلقت جيبون الإشاعات علي ليكنزا

بسم الله الهادي

بسم الله الهادي



بداية أود أن أعتذر عن لقب مؤلف الذي وضعته كتعريف شخصي
إذ يوحي لفظ المؤلف بأن القصة ، قصة منصور أنها غير واقعية وهذا خطأ ، وفي الواقع لا يوجد مؤلف أنما نحن نقص ما حدث من قبل نتدخل أحيانا في القصة لنصنع المؤثرات والتشويق والواقع الحقيقي أكثر تشويقا وأجمل تأثيراً ، فلفظ مؤلف هو أحد أوهامنا ، ولا أدري من كذب تلك الكذبة التي صدقناها جميعاً، أما عن الأحداث فهي حقيقية منها ماهو حدث بالفعل ومنها ما هو في خط الأحداث ينتظر ميعاده ليخرج للنور أو يخرج من النور أترك لكم الحكم


أصدقكم القول سأحاول قدر إسطاعتي أن أحكي لكم كل ماسمعت بصورة أو أخري فلدي منصور كثير من الوقائع التي لا يرغب في الحديث عنها وإن كنت قد عرفتها فلقد عرفتها بمحض الصدفة في وسط دردشات لم يكن يعلم منها منصور أني لا أنسي بل كان عقلي يسجل كل ماقال وهذا ما أدهشه وأقلقه في نفس الوقت فلقد كان يحكي يريد أن يتخفف من العبأ لا أن يحمل أعباء أخري ولقد وعدته بأن أغير في الاسماء والأماكن وأحكي ما فيه الفائدة والعبرة والعظة

تبدأ قصة منصور مع حكاية هل هي خرافة أم حقيقية تقول الأسطورة أن ليكنزا الواقعة علي بحر ميجون العظيم بها كنوز مدفونة من أيام المختار الناصر المنتصر ، ومع هذه الأسطورة هناك ساطير أخري تقول أنها بلد ملعونة ، هكذا أنقسمت الأساطير حول ليكنزا بين المدينة الملعونة أو مدينة الكنز أو مدينة الأسرار


ولكن منصور قد إختار من الأساطير تلك الأسطورة التي تقول إنها مدينة الكنز لذا قرر الذهاب إليها

تقع ليكنزا كما قلت سابقا علي بحر ميجون العظيم يبلغ تعداد سكانها 10 مليون نسمة يرأسها الجنرال جينفر منذ أمد بعيد علي الأقل من قبل أن أُولد أنا فطبيعة الحكام في مدينة ليكنزا أنهم معمرون