ضرب نار

ضرب نار

حكي لي منصور تلك الحكاية المفزعة بدت عليه علامات القلق والاضطراب وهي أول مرة يشاهد فيها ضرب نار حي بالمنطقة التي يسكن فيها في خناقة عابرة ، ولكن ما سر كرب منصور من تلك الحكاية ، هذا ما جعلني أسأله عن سر تغير علامات وجهه عند سردها ولقد كانت مفاجئة أنه كان عرضة لأن يُضرب هو بالنار فكيف ذلك تعالوا نستمع لقصته
قال منصور:
في يوم من الأيام وأنا واقف علي الناصية كان هناك بعيد عني بحوالي 200 متر أو أكثر قليلا خناقة بين إثنين ، أحدهما شاب في العشرينات من عمره والآخر صول في الشرطة ولقد تعالت الاصوات وفجأة هرب الشاب من الصول الذي كان ممسكاً بتلابيبه و أخذ يركض في اتجاه منصور وأصبح هذا الشاب بين منصور وبين حضرة الصول وبعد بُرهة وجيزة أشهر الصول سلاحة وهو مسدس وأخذ يلاحق الشاب وعندما أدرك منصور حقيقة الموقف وأن الصول رافع مسدسه ويطارد هذا الشاب إنتابه القلق والاضطراب وقرر الذهاب للمنزل دخل الشاب مسرعا في الحارة التي يقطن فيها منصور وبعد دخوله فيها كان علي منصور الانصراف سريعا من ساحة المعركة التي لا تؤمن عاقبتها وجري منصور بكل طاقته في حارته باتجاه منزله ولكنه فجأة انتابته قشعريرة وأخذ نفسه يتسارع ودقات قلبه أصبحت كأنها طبول حرب مزعجة وما ذلك إلا لأنه أدرك أنه أصبح الآن بين الصول وبين الشاب وربما قرر الصول إطلاق النار فتصيب منصور ولقد كان يعلم منصور كثير من الحكايات الحقيقية التي يقع فيها الناس صرعي أو جرحي في خناقات لمجرد تواجدهم في المكان الخطأ في الوقت الخطأ وخشي علي نفسه أن يقع ضحية خناقة لا ناقة له فيها ولا جمل ، وكانت هناك سيارة مركونة في وسط الشارع قرر منصور أن يختبأ خلفها حتي يمر من أمامه الصول بمسدسه ثم يجري بعد ذلك إلي منزله وبعدما أختبأ منصور خلف السيارة المركونة علي جانبي أحد المنازل طرأ علي ذهن منصور صورة أخري مُفزعة وهي كيف لو ظن حضرة الصول أن المختبأ خلف السيارة هوالشاب المطارد وليس منصور عندها فزع منصور من مجرد هذا الهاجس لذا قرر أن يظهر وجهه من خلف السيارة حتي يراه الصول فلا يخطئه ويسرع بإطلاق النار عليه ومرت الأوقات متثاقلة وكانت كل ثانية تمر وكأنها سنة من قلق وخوف شديد حتي مر الصول بجواره وواصل مطاردته للشاب وعندما أصبح منصور خلف الشاب وخلف الصول أخذ يجري هو الآخر مسرعا كل يلوذ بالفرار من هذا الموقف العصيب ولكنه في تلك اللحظة بدأ إطلاق النار وسمع منصور صوت الرصاص الذي دوي في أذنيه محدثا فزعا شديداً ورأي الرصاص يصيب الشاب وتتناثر الدماء علي الطريق


ومسرعا لا يلوي علي شئ دخل منزله منصور مرتجف الجنان وكانت تلك لحظات من أفزع اللحظات التي شاهدها وهو مازال في سن الطفولة ولم يبلغ بعد مرحلة المراهقة ،


أن تكون شاهدا علي ضرب نار وعرضة لأن تكون هدفا لتلك الطلقات و لو علي طريق الخطأ موقف لا يُحسد عليه أحد


ولكن ماذا حدث لقد أخترقت الطلقة جنب الشاب وحين وصل إلي الناصية الثانية للحارة وقع علي باب محل للحلاقة ممرغا واجهتها وأرضيتها بالدماء ، تلك كانت قصة أول مرة يشاهد فيها منصور ضرب نار ومرت السنين الطويلة وعاش الشاب بعد ذلك وعاش الصول ولكن ماذا كان سبب الخناقة لا أحد يعرف علي وجه اليقين هل كان الشاب يعاكس ابنة الصول مثلا ربما وربما أشياء كثيرة أخري ولكن حضرة الصول سُرح من الشرطة وبعد فترة طويلة ذهب بصره ولقد رآه منصور بعد ذلك علي تلك الناصية التي كان يقف عليها شاهرا سلاحه علي رأس الشاب المصاب والغارق في دماءه ولكنه علي الجهة الأخري من الناصية ليست جهة محل الحلاقة بل جهة المسجد لقد كان يقف وهو واضعا نضارة سوداء علي عينيه يداري العمي الذي أصابه وسائلا الناس الصدقة والإحسان

0 Response to "ضرب نار"

إرسال تعليق