منصور والكمبيوتر والعمل

كيف لمنصور أن يعمل في مجال الكمبيوتر
هذا هو السؤال الذي طرأ علي ذهنه عندما عرض عليه صديقه ( ح ح) ، نعم فلقد كان يعلم منصور الكمبيوتر ولكن كل ما تعلمه عنه بعد التشغيل هو لغة الفورتران التي كان يستخدمها في كلية العلوم

رجع منصور بالذاكرة إلي الخلف ، استوقفته مشاهد الكمبيوتر والجامعة ، عندها تذكر بداية رحلته مع هذا الجهاز العجيب ، أول الامر كان منصور لا يحب الذهاب إلي المحاضرات ، بل كان يذهب الكلية بعد صلاة الظهر يجلس مع أصدقائه يحدثهم ويحدثونه ويعرف منهم ماذا أخذوا اليوم من محاضرات ، هل هذا كل ما كان يفعله منصور ؟
لا ، بل كان لديه مجموعة من الاصدقاء الذين يقيمون في شقق مفروشة نظراً لأنهم من خارج المحافظة التي بها الجامعة ومن هؤلاء الاصدقاء كان هناك محمد البحيري و البحيري هنا نسب وليس اسم فهو من البحيرة ، وكان منصور يحب الذهاب إليه و الجلوس معه ومع أصدقائه في السكن اللذين لم يكونوا من نفس الكلية بل من كليات مختلفة ، وكانوا يميلون لروح المداعبة وخفة الظل ، والمقالب
كما أن منصور كان يُعجب بطريقتهم في المعيشة وكيف يقضون أيامهم ، وكيف يتغلبون علي مشكلة الأكل بأن يطبخوا هم لأنفسهم
وفي يوم من الايام ذهب منصور لمحمد وبعدما جلسا سويا وتناولا الشاي ، فقال محمد لمنصور تعالي معي الكلية ، فاليوم في كمبيوتر ، فقال منصور كمبيوتر ، بصراحة أنا لا أعرف فيه شيئاً ، وحاسس إنه معقد قوي ، فقال محمد بالعكس إنه لذيذ وممتع حقاً ، استغرب منصور من رد فعل محمد من الكمبيوتر هذا الوحش المجهول بالنسبة لمنصور ، وكانت في هذه المرحلة يوجد بالكلية معمل كمبيوتر به عدد من الأجهزة، والمعمل مفتوح طوال أيام الاسبوع للفرقة الرابعة من قسم الرياضيات بالكلية ، وهذا يعني أنه بوسعهم الذهاب إلي المعمل متي شاءوا ذلك ، ذهب منصور مع محمد في هذا اليوم كانت هناك معيدة مسؤولة عن المعمل ، عرفت أن منصور أول يوم له في معمل الكمبيوتر وهذا هو أول لقاء له مع الكمبيوتر ، شيئاً فشيئاً بدأ التعارف ومع التعارف بدأ حائط الثلج الذي يقف عثرة بين منصور وبين الكمبيوتر في الذوبان
توالت الايام ومنصور يذهب للمعمل يتعلم الكمبيوتر ...
كان منصور يتعلم الفورتران التي يستطيع عن طريقها حل المسائل الرياضية ، ولكنها لغة لم تكن تعجب منصور ، الذي نما بداخله شعور غريب عن الكمبيوتر وعن عالمه ، فقد كان يري منصور أن الكمبيوتر يجب أن ينبض بالحياة أو يحاكيها علي الاقل ، ولا يدري لماذا جاءه هذا التصور عن الكمبيوتر ، كما أنه كيف تبدلت هذه المفاهيم ، لعل السر في ذلك هي حب منصور للريضيات التي جعلت منه شخصا يميل لكل ماهو منطقي مسبب
كان لمنصور أصدقاء آخرين وكان منهم محمد الطالب بكلية الهندسة الذي عرض عليه وضعه وحكي له حكايته مع الكمبيوتر والفورتران اللعين هذا ، فقال له أنهيمكنه تعلم لغة ال c أو turbo c فإنها أفضل بكثير من الفورتران ووعده أن يحضر له ديسكات السي أو التربو سي
ذهب منصور إلي الكلية وقابل المعيدة وحكي لها فكرته في تعلم التربو سي عن طريق تحميل ديسكاته علي أحد أجهزة الكمبيوتر فرحبت بالفكرة وقالت علي الاقل الواحد يتعلم حاجة جديدة ،أحضر محمد لمنصور ديسكات التربو سي وكذلك أعطاه نسخة من كتاب لتعليم التربو سي ،في هذا الوقت كان من يعرف شيئاً عن الكمبيوتر في الجامعة كلها نفر قليل وكل مايعرفونه هو مجرد فك الخط
بدأ منصور مرحلة ثانية في علاقته مع الكمبيوتر إذبدأ باختيار برنامج من البرامج المكتوبة بلغة التربو سي من الكتاب ثم تطبيقه علي الكمبيوتر ثم بعد ذلك يتعرف علي الكود جزء جزء مجريا تعديلات علي الكود وفق ما يريده وهكذا بدأ اللعب بالكمبيوتر
أصبح منصور يحب الذهاب إلي الكلية من أجل الكمبيوتر ، وكان معظم وقته في المعمل ، وكانت المعيدة تتابع تقدمه بانبهار فالسي لغة تنبض بالحياة عن الفورتران
وفي يوم من الايام جلس منصور يعدل في برنامج وظيفته إظهار عصيان متحركة تدور في أشكال هندسية جميلة وتغير ألوانها وكان يريد منصور مع كل تغير في اللون أن تظهر اسمه في مكان مخصوص
وفي ذلك الوقت كان في المعمل أحد الدكاترة الذين يدرسون لمنصور وفي لحظة ما نظر إلي الكمبيوتر وجد هناك حاجات بتلعب وألوان وحبشتكنات
فاتغاظ وقال لمنصور إنت مش عندك محاضرة الآن فسكت منصور ولم يتكلم ووقتها لم يكن يعلم هل فعلا عنده محاضرة ولا لأ
ولكن هذا ما تعلمه منصور خلال آخر عهده بالكلية ولكن هل هذا كافي لدخول سوق العمل بالكمبيوتر ؟
الاجابة لا لم يكن كافي لذا كان السؤال كيف أعمل بمجال الكمبيوتر الذي سأله منصور لصديقه ( ح ح ) عندها إقترح ( ح ح ) علي منصور أن يتعلم الفوكس برو تلك هي لغة البيزنيس ذلك الوقت وكل الشركات تعمل منها البرامج التجارية وتبيع منها وتكسب النقود
عندها ظهر نفس السؤال كيف ؟ لكن كيف هنا هو كيف اتعلم الفوكس برو
عندها عرض ( ح ح) علي منصور أن يعيره جهازه الشخصي كي يتعلم عليه ، لم يصدق منصور أنه فعلا يمكنه هذا ، ولكنه كان فعلا صادقا في شيئين في أن يجعل منصور يعمل في مجال الكمبيوتر وكان صادقا في إعطاء منصور جهازه الشخصي حتي يتعلم عليه
لم ينس ولن ينس منصور ذلك الموقف أبداً
لأنه مثال بسيط للنصح ، مثال صادق للنصح ، فكثير ما مر مع منصور من ينصحه بلسان بارد ونصيحه شاحبة ، وما اللسان البارد والنصيحة الشاحبة إلا تلك التي تخرج من الأفواه لمجرد الكلام ليس لها سند شرعي من مساندة عملية ، بل هي مجرد كلام في كلام ، تلك هي نوعية النصائح التي اعتاد منصور علي تلقيها
فقد ضرب ( ح ح ) مثالا آخر لنوع آخر من النصائح المدعومة بالفعل ، المدعومة بمساندة فعالة حتي تنجح تلك النصيحة وتخرج إلي حيز الواقع

0 Response to "منصور والكمبيوتر والعمل"

إرسال تعليق