طومكنز

سر تلك الانتفاضة !


سر تلك الانتفاضة أن الطفل الصغير فتح لمنصور بابا واسعا من المعرفة ولكي نعرف ماذا فتحه هذا الطفل نحتاج نروي قصة سلفان طومكنز وبول إيكمان


وُلد طومكنز في فيلادفيا في بداية القرن العشرين لأب روسي يعمل طبيب أسنان ، كان قصيراً وذا كرش كبير ، وكان شعره أبيض ، ونظارته سوداء كبيرة ذات إطار بلاستيكي أسود ، كان يعلم علم النفس في جامعة برنستون وروتجرز ، وهو مؤلف كتاب " التصنع والخيال والوعي " وهو عمل ضخم في أربعة أجزاء وكثيف جدا بحيث انقسم القراء إلي قسمين منهم من فهمه واعتقد أنه ألمعي ومنهم من لم يفهمه واعتقد أنه ألمعي ، ولقد كان متحدثا أسطوريا ، ويؤمن طومكنز بأن الوجوه – حتي وجوه الجياد – تحمل ملامح تدل علي المشاعر والدوافع الداخلية ، ويقال أنه كان يدخل مكتب البريد ويتوجه إلي ملصقات الأشخاص المطلوبين ، ويقول بالنظر إلي لقطات الوجوه ما هي الجرائم التي ارتكبها الفارون المختلفون ، ويذكر ابنه مارك أنه كان يشاهد برنامج قول الحقيقة ، وينتقي دون أن يخطئ الاشخاص الذين يكذبون ،


أما بول إيكمان فهو تلميذ طومكنز ولقد ألتقي به لأول مرة في أوائل الستينات وكان إيكمان في ذلك الوقت عالم نفس صغير أنهي للتو دراسته العليا ، وكان مهتما بدراسة الوجوه ، وتسائل هل توجد مجموعة من القواعد الشائعة المقررة التي تحكم علي التعابير الوجهية التي يُظهرها البشر ؟ فقال سلفان طومكنز إنها موجودة ...


زار طومكنز إيكمان بعد وقت غير بعيد ، في مختبره بسان فرانسيسكو ، وكان إيكمان قد شاهد مئة ألف قدم من الافلام التي التقطها عالم الفيروسات كارلتون جادوسك في الغابات النائية ببابوا نيو غينيا . بعض الأفلام كانت عن قبيلة كوكو كوكو ، وهي معادية وفيها طقس جنسي مثلي حيث علي الاولاد قبل سن البلوغ الخدمة كغلمان جنس لدي الرجال الكبار في القبيلة ، أمضي إيكمان ومساعده ، والاس فريزن ، ستة أشهر في فرز الافلام وقص المشاهد الدخيلة ، مركزين علي اللقطات القريبة لوجوه رجال القبيلة لمقارنة التعابير الوجهية للمجموعتين


انتظر طومكنز في الخلف فيما يعد إيكمان آلة العرض ، لم يبلغ بشئ عن القبائل المعنية ، وقد حررت كل الأطر التي يمكن أن تحددها ، نظر طومكنز من خلال نظارته مركزا علي المشاهد


وفي نهاية الفيلم اقترب من الشاشة وأشار إلي وجوه قبيلة ساوث فور ، قال " هؤلاء قوم لطفاء ومتسامحون ومسالمون جداً " ثم أشار إلي وجوه الكوكو كوكو وقال : " هذه المجموعة الأخري عنيفة وثمة أدلة كثيرة توحي بالجنسية المثلية " وحتي اليوم بعد مرور أكثر من 30 عام لا يستطيع إيكمان تجاوز ما فعله طومكنز .

يتذكر إيكمان " يا إلهي إني أذكر بوضوح سؤالي له " سلفان قل لي بربك كيف تقوم بذلك ؟ " فتوجه نحو الشاشة فيما كنا نعيد الفيلم إلي الوراء بسرعة بطيئة ، وأشار إلي انتفاخات وانكماشات محددة في الوجوه استخدمها لاصدار حكمه


عندئذ أدركت أن علي أن أفرغ الوجه ، لقد كان ذلك منجما من المعلومات التي يتجاهلها الجميع ، وكان بوسع هذا الرجل رؤيتها ، وإذا كان بوسعه رؤيتها فربما يستطيع الجميع ذلك


قرر إيكمان وفريزن عندئذ وضع تصنيف للتعابير الوجهية ، فراجعا الكتب الدراسية الطبية التي تشير إلي عضلات الوجه وحددا كل حركة وجهية متميزة يمكن أن يرسمها الوجه ، وكان هناك 43 حركة منها أسماها إيكمان وفيرزن وحدات فعل ثم جلس أحدهما مقابل الآخر وبدأا يراجعان كل وحدة فعل بدورها واستغرق الامر 7 سنوات حتي يعملان الإتلافات الممكنة لل43 حركة


جمع إيكمان وفيرزن في النهاية كل هذه الائتلافات وقواعد قرائتها وتفسيرها في نظام ترميز الأفعال الوجهية ودوناها في وثيقة من 500 صفحة


إيكمان يقول أن الوجه مصدر هائل للمعلومات عن المشاعر بل إنه يقول أن المعلومات التي تظهر علي وجهنا ليست مجرد إشارة إلي ما يجري داخل العقل ، بل هو مايجري داخل عقلنا إلي حد ما

0 Response to "طومكنز"

إرسال تعليق